أخير قرأتي باللغة العربية الكتاب “الأجنحة المتكسّرة” و لا شكّ أنّ أصبح هذا المؤلف أجمل ما قرأته بلغتي حيث انبهرت أمام روعة طريقة الكتابة للكاتب الشهير جبران خليل جبران. تعرّفت على كتابة جبران من خلال مؤلفه النبي الذي يتضمن قصص تنبثق منها آلاف العبر لكن الأجنحة المتكّسرة تميّزت في رأي دون أي محاولة للنبش في إيجابيات هذا العمل الأدبي. يدور موضوع القصّة حول انتقال علاقة بين شابّة اسمها سلمى كرامة و شاب تعرّفت عليه من خلال أبيها من معرفة صطحية إلى أعلى ما يتجلّى في التجربة الإنسانية من عمق التفاهم و الإنسجام

ما يميز هذه العلاقة عدم الحاجة إلى استخدام أي كلمة لفهم ما يجري داخل الآخر من هواجس و مشاعر و تساؤلات. في رأيي الخاص و المتواضع، لا يكون موضوع القصّة ما فضّلت لأن رغم جمالها تبقى رسم بين رسوم الشغف و العشق الإنساني اللا محدود. لكن ما يميّز حقّا هذه القصّة قدرة جبران الخارقة في تصوير و وصف بأجمل دقّة كلّ مضهر من الحياة وهذه العلاقة بأوصاف و استعارات و مقارنات لم تخطر بال الإنسان من قبل. كما في عادتي  قرأت هذا المؤلف و أنا أحمل قلما لاختيار الفقرات التي أثرت في ذهني، لكن سرعان ما وجدت نفسي أرقص قلمي تحت أغلبية الصفحات، لكثرة التعبيرات التي ملأتني بانبهار جعلني أتمنى أن أكتب في عالم خيالي بهذه الطريقة الملهمة. يلاعب جبران الكلمات كأنها عضو من جسده  يعرف كلّ نسخة منه و كيفية تفسير ما يعرف عن ذلك بأجمل المصطلحات التي قرأتها. استعمل الطبيعة كأسس لذلك لكنها تشكّل فقط جزأ تافها من وجوه الشبه الذي يتمّكن من عرضها

و خلال قرأتي، وجدت نفسي أشفق بكلّ واقعية على سلمى و الاستحالة الأليمة المتمثلة في عدم قدراتهم على الإجتماع في قلب حبّهم و اهتمامهم ببعضهم البعض. يضاف إلى ذلك التحقيق الضمني لمجموعة من الثيمات مثل الإنفصال، العذلة، الشغف، الحياة، الموت و يتوّج ذلك مرّة أخرى قيود المجتمع المحطّمة لكّل نفس تنفح منه عطر الحرية و الإنسانية 

!بكّل صراحة، يستحق هذا المؤلف كتابة مؤلف آخر عنه

:من الفقرات التي فضلتها

“عرفت أنّ للجمال لغة سماوية” 

“سكوتها كان موسقيا”

“الدهر أفرغ جميع سهامه في صدري”